responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 422
وَلَوَازِمِهَا وَآثَارِهَا وَمُؤَثِّرَاتِهَا فَكَأَنَّهُ خَاضَ فِي بَحْرٍ لَا سَاحِلَ لَهُ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنَّ الْمَوْجُودَ لَا يَكُونُ مُتَحَيِّزًا وَلَا حَالًّا فِي الْمُتَحَيِّزِ، فَهُوَ قِسْمَانِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِأَجْسَامٍ بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْأَرْوَاحِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ، وَهِيَ الْجَوَاهِرُ الْقُدْسِيَّةُ الْمُبَرَّأَةُ عَنْ عَلَائِقِ الْأَجْسَامِ. أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَأَعْلَاهَا وَأَشْرَفُهَا الْأَرْوَاحُ الثَّمَانِيَةُ الْمُقَدَّسَةُ الْحَامِلَةُ لِلْعَرْشِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ [الْحَاقَّةِ: 17] وَيَتْلُوهَا الْأَرْوَاحُ الْمُقَدَّسَةُ الْمُشَارَةُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ [الزُّمَرِ: 75] وَيَتْلُوهَا سُكَّانُ الْكُرْسِيِّ، وَإِلَيْهِمُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [الْبَقَرَةِ: 255] وَيَتْلُوهَا الْأَرْوَاحُ المقدسة في طبقات السموات السَّبْعِ. وَإِلَيْهِمُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فَالتَّالِياتِ ذِكْراً [الصَّافَّاتِ: 1- 3] وَمِنْ صِفَاتِهِمْ، أَنَّهُمْ لَا يَعْصُونَ اللَّه مَا أَمَرَهُمْ وَيُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتَرُونَ، لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَفَصَّلْنَاهُ مِنْ مُلْكِ اللَّه وَمَلَكُوتِهِ كَالْقَطْرَةِ فِي الْبَحْرِ فَلَعَلَّ اللَّه سُبْحَانَهُ/ لَهُ أَلْفُ أَلْفُ عَالَمٍ وَرَاءَ هَذَا الْعَالَمِ، وَلَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَرْشٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا الْعَرْشِ، وكرسي أعلى من هذا الكرسي، وسموات أوسع من هذه السموات، وَكَيْفَ يُمْكِنُ إِحَاطَةُ عَقْلِ الْبَشَرِ بِكَمَالِ مُلْكِ اللَّه وَمَلَكُوتِهِ، بَعْدَ أَنْ سَمِعَ قَوْلَهُ: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [الْمُدَّثِّرِ: 31] فَإِذَا اسْتَحْضَرَ الْإِنْسَانُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ فِي عَقْلِهِ وَأَرَادَ الْخَوْضَ فِي مَعْرِفَةِ أَسْرَارِ حِكْمَتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فُهِمَ قَوْلُهُمْ: سُبْحانَكَ لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا [الْبَقَرَةِ: 32] وَنِعْمَ مَا قَالَ أَبُو الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كَمْ للَّه مِنْ فَلَكٍ ... تَجْرِي النُّجُومُ بِهِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
هُنَّا عَلَى اللَّه مَاضِينَا وَغَابِرُنَا ... فَمَا لَنَا فِي نواحي غيره خطر

[سورة الأعراف (7) : آية 186]
مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى عَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى نَعْتِ أَحْوَالِ الضَّالِّينَ الْمُكَذِّبِينَ فَقَالَ: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِدْلَالَ أَصْحَابِنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْهُدَى وَالضَّلَالَ مِنَ اللَّه مِثْلُ مَا سَبَقَ فِي الْآيَةِ السَّالِفَةِ، وَتَأْوِيلَاتُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَجَوَابُنَا عَنْهَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ رَفْعٌ بِالِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ عَمَّا قَبْلَهُ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو «وَيَذَرُهُمْ» بِالْيَاءِ وَرَفْعِ الرَّاءِ لِتَقَدُّمِ اسْمِ اللَّه سُبْحَانَهُ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ وَالْجَزْمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيمَا يَقُولُ سِيبَوَيْهِ: إِنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَوْضِعِ الْفَاءِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ: فَلا هادِيَ لَهُ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْفَاءِ وَمَا بَعْدَهَا جَزْمٌ لِجَوَابِ الشَّرْطِ، فَحَمْلُ «ويذرهم» على موضع الذي هو جزم.

[سورة الأعراف (7) : آية 187]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)
اعْلَمْ أَنَّ فِي نَظْمِ الْآيَةِ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا تَكَلَّمَ فِي التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ فِي الْمَعَادِ، لِمَا بَيَّنَّا أن المطالب الكلية في القرآن ليس إِلَّا هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ فِي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست